نجز ÙÙŠ بندر سري بجاوان، بروناي دار السلام
الاثنين، غÙرَّة رجب 1444هـ
المواÙÙ‚ 23 يناير 2023Ù…
لَيست٠اللّÙغة٠العربيَّة٠مÙجرَّدَ أداة٠تواصليَّة٠كغيرÙها منَ اللّÙغاتÙØŒ ولا وعاءً ÙŠÙŽØمل٠تراثًا وتاريخًا وأدبًا طارÙًا وتليدًا، ولا نظامًا صوتيًّا ومعجميًّا ونØويًّا وصرÙيًّا وبلاغيًّا Ùريدًا، ولكنَّها Ùوقَ ذلك كلّÙه٠لغة٠دينÙØŒ ولسان٠رسالةÙØŒ ÙˆØبلٌ ممدودٌ من السَّماء٠إلى الأرضÙØŒ ومعراجٌ يتواصَل٠به الخلق٠مع الخالقÙØŒ ومن ثمَّ كانتْ بالقوَّة٠لغةً ثانيةً لكلّ٠مسلم٠وإنْ لم يكنْ من ناطقيها الأصليّينÙØŒ Øيث٠لا تتمّ٠صلاتÙÙ‡ إلَّا بها، ويÙÙ‚Ùيم٠جÙملةً منَ شَعائرÙه٠الدينيَّة٠والاجتماعيَّة عليها. ÙˆÙÙŠ الوقت٠نÙسÙÙ‡ هي تمثّÙÙ„ الهÙÙˆÙيَّةَ الØضاريَّةَ للأمَّةÙØŒ التي متَّى Ùرَّطَتْ Ùيها Ùقدتْ جزءًا من Ù‡ÙويَّتÙها وكيانÙها، وقطعتْ Øَبْلَها السّÙرّÙيَّ بنسبÙها وتاريخÙها، Ùلا جرمَ أنْ تكونَ الهدÙÙŽ الأوَّل٠للمÙØتلّÙين٠على اختلاÙ٠ألوانÙهم وأغراضÙهم، يقول Øامل٠لواء٠البيان٠العربيّ مصطÙÙ‰ صادق الراÙعيّ (ت1937Ù…): «وما ذلَّتْ Ù„Ùغَة٠شَعب٠إلَّا ذلَّ، ولا انØطَّتْ إلَّا كانَ أمرÙÙ‡ ÙÙŠ ذَهاب٠وإدبارÙØŒ ومن هنا ÙŠÙرض٠الأجنبيّ٠المÙستعمÙر٠لÙغتَه Ùرضًا على الأمَّة٠المÙسْتعمَرَةÙØŒ ويركَبÙهم بها، ويÙشْعÙرÙهم عظمَتَه Ùيها، ويَسْتَلْØÙÙ‚Ùهم من ناØÙيَتÙها، ÙÙŠØكم٠عليهمْ Ø£Øكامًا ثلاثةً ÙÙŠ عمل٠واØدÙ: أمَّا الأوَّل٠ÙÙŽØَبْس٠لÙغَتÙهم ÙÙŠ Ù„ÙغَتÙÙ‡ سجنًا Ù…Ùؤبَّدًا، وأمَّا الثاني ÙالØكم٠على ماضيهم بالقتل٠مَØْوًا ونÙسيانًا، وأمَّا الثالث٠Ùتقييد٠مÙسْتقبَلÙهم ÙÙŠ الأغلال٠التي يَصْنَعÙها، Ùأمرهمْ Ù…Ùنْ بَعْدÙها لأمْرÙه٠تَبعٌ». وتقول٠سيّÙدَة٠الأدب٠العربيّ٠عائشة٠عبد الرØمن، بنت٠الشاطئ (ت1998Ù…): «إنَّ الأمَّة قد تÙمْتَØَن٠باØتلال٠أرضÙها، Ùتناضل٠من أجل٠الØÙريَّةÙØŒ Øتَّى تستردَّها على المَدَى القصير٠أو الطَّويلÙØŒ وتÙمْتَØَن٠باغتصاب٠خَيْرات٠أرضÙها وأرزاق٠بَنÙيها، ÙَتَØْتَمÙل٠الجÙوعَ والØÙرمانَ، وتَقْتات٠من أمَلÙها المَرْجوّ٠ÙÙŠ الخلاصÙØŒ بل قد تÙØَارَب٠ÙÙŠ عقيدَتÙها، Ùيتصدَّى الضَّمير٠الشَّعبيّ٠لÙØمايَتÙها بالرَّÙض٠أو التَّØدّÙÙŠØŒ لكنَّها ØÙينَ تÙمْتَØَن٠بسرقة٠لÙسانÙها تَضÙيعÙØŒ وتÙمْسَخ٠شَخصيَّتÙها القوميَّة، وتÙبْتَر٠من ماضيها وتÙراثها وتاريخÙها، ثمَّ تظلّ٠مَØكومًا عليها بأنْ تَبْقَى أبدًا تØتَ الوÙصايَة٠الÙÙكْريَّة٠والوجدانيَّة للمÙسْتَعْمرÙØŒ Øتَّى بعد أنْ يَجْلÙÙˆÙŽ عنْ أرضÙها».
لكنَّ الواقعَ المÙرَّ يَعكس٠مÙÙارقةً Ù…Ùوجعةً بين العرب٠نسبًا، الذين يَتَخَلَّوْنَ عن Ù„ÙغتÙهم يومًا بعد يومÙØŒ ويتسابقونَ Ù†ØÙˆÙŽ باب٠الضَّياع٠تَسابÙÙ‚ÙŽ الÙراش٠نØÙˆ اللَّهب٠المÙضْطَرمÙØŒ Ùيسقطونَ ÙÙŠ دَرْك٠الهاوية٠الØضاريَّة٠بسرعة٠الصَّواريخ٠الÙَرْط٠صَوْتيَّة، ÙÙŠ مقابل٠ثÙلَّة٠من المسلمينَ الأبرار٠الناطقينَ بغير العربيَّةÙØŒ الذين هاموا بلسان٠العرب٠ØÙبًّا خَامَرَ اللَّØْمَ وَالعَظْمَ، Ùانعكسَ عليهمْ ÙÙŠ جملة٠من المظاهر٠الإيجابيَّة٠التي تختلÙÙ ÙƒÙلّÙيًّا عن نظائرÙها عند العربÙØŒ وَيْكأنَّ تلكَ المظاهرَ مرايا تعكس٠تباريØÙŽ الصَّبابةÙØŒ وأماراتٌ تÙعبّÙر بلسان٠الØال٠لا بلسان٠المقال٠عن٠الØبّ٠الكَمينÙØŒ والهَوى الدَّÙينÙØŒ وهو ما أَوْمَأَ إليه٠سÙبط٠بن التَّعاويذيّ (ت583هـ) بقولÙÙ‡Ù:
عَيْنَاك٠قَدْ دَلَّتَا عَيْنَيَّ Ù…Ùنْك٠عَلَى *** أَشْيَاءَ، لَوْلَاهÙمَا مَا ÙƒÙنْت٠أَرْوÙيهَا
وَالعَيْن٠تَعْلَم٠مÙنْ عَيْنَيْ Ù…ÙØَدّÙØ«Ùهَا *** Ø¥Ùنْ كَانَ Ù…Ùنْ ØÙزْبÙهَا، أَوْ Ù…Ùنْ أَعَادÙيهَا
وسبيلي أنْ أذكÙرَ خمسًا من تلك٠الأمارات٠النَّاطقة٠بلسان٠الهوى، ÙÙŠ مقابل٠نقائÙضÙها لَدَى مَن٠اتَّخَذÙوا Ù„Ùسَانَهم وَراءَهمْ ظÙهْرÙيًّا من العرب٠الذين كانوا Ù…ÙسْتَعْرÙبةً، Ùَصاروا Ù…ÙسْتَمْرÙكَةً:
(1) النبوغ٠Ùيها، والتأليÙÙ ÙÙŠ علومها: Ùقد أقبلَ غير٠العرب٠على تعلّÙم٠العربيَّة٠ÙÙŠ نَهَم٠عجيبÙØŒ Øتَّى نَبَغÙوا Ùيها، وبَزّÙوا كثيرًا من أهلÙها، وأثْرَوْا مكتبَتَها بما لا ÙŠÙØْصَى من المؤلَّÙات٠ÙÙŠ شتَّى علومÙها، ÙˆØسبÙÙƒÙŽ أن تقرأ أسماءَ هذه٠النّÙجوم٠المتألّÙقة٠ÙÙŠ سماء٠علوم٠العربيَّةÙ: سيبويه (ت180هـ)ØŒ أبو عليّ الÙارسيّ (ت377هـ)ØŒ ابن جني (ت392هـ)ØŒ ابن Ùارس (ت395هـ)ØŒ عبد القاهر الجرجاني (ت471هـ)ØŒ الزمخشري (ت538هـ)ØŒ السَّكاكيّ (ت626هـ)… وغيرهم ممَّنْ لا ÙŠÙØْصَوْنَ كثرةً، ولكَ أنْ تَسْرØÙŽ بخيالÙÙƒÙŽ ÙÙŠ Ø¢Ùاق٠الØÙبّ٠الكامن٠وراءَ هذه الكلمات٠التي صدَّر بها الزمخشريّ٠كتابَه “المÙصَّل ÙÙŠ صنعة الإعراب”: «اللهَ Ø£Øمد٠على أنْ جَعَلَنÙÙŠ من علماء٠العربيَّةÙØŒ وجَبَلَنÙÙŠ على الغضب٠للعرب٠والعصبيَّة، وأَبَى لي أنْ أنÙَرÙدَ عنْ صميم٠أنْصارÙهم وأمْتَاز، وأَنْضÙÙˆÙÙŠÙŽ إلى Ù„ÙÙŠÙ٠الشّÙعوبيَّة وأنØاز، وَعَصَمَنÙÙŠ من مَذهَبÙهم الذي لم ÙŠÙجْد٠عَلَيْهم إلَّا الرَّشقَ بألسنة٠اللَّاعنين، والمَشْقَ بÙأَسÙنَّة٠الطَّاعÙنين».
ÙˆÙÙŠ المقابل٠يَØتقر٠كثيرٌ من العرب٠اليومَ مَنْ يتخصَّص٠ÙÙŠ علومÙها، ويعدّÙونَها من التخصّÙصات٠الدّÙون٠التي لا تÙؤكّÙل٠صاØÙبَها عَيْشًا كما يقولونَ، Ùترى المÙنْخَنÙÙ‚ÙŽØ©ÙŽ والموقوذةَ والمتردّÙيةَ والنَّطيØØ©ÙŽ ÙŠÙمثّÙلونَ السَّوادَ الأعظمَ Ù…ÙÙ†ÙŽ المÙنتسبينَ إلى التخصّÙص٠Ùيها. ولست٠أنسى موظÙÙŽ التَّنسيق٠الذي سلَّمْتÙه٠ملÙÙ‘ÙŽ الالتØاق٠بالجامعةÙØŒ Ùلمَّا نظر إلى مجموعي، قال بلهجة٠مÙستنكÙرَةÙ: إيه ده، لغة عربيَّة، وكادَ يقذÙÙ٠الملÙÙ‘ÙŽ ÙÙŠ وجْهÙÙŠØŒ ويقول٠لي: أعدْ نظرًا، يا عبدَ قيسÙØŒ لعلَّما…!
(2) تسمية٠الأشخاصÙ: ÙŠØرص٠كثيرٌ من المسلمينَ من غير٠العرب٠كلَّ الØرص٠على تسمية٠أبنائÙهم بأسماء٠عربيَّةÙØŒ بلْ يتÙنَّنونَ Ùيها كلَّ التÙنّÙÙ†ÙØŒ وبخاصَّة٠ÙÙŠ أرخبيل الملايو، Ùهم يربطونَ الاسمَ بالهÙويَّة٠الدّÙينيَّةÙØŒ ويميّÙزون بتلكَ الأسماء٠العربيَّة٠الإسلاميَّة٠أنÙسَهم من الهÙنود٠والصّÙينيينَ، وقد نشرْت٠مؤخرًا عن ذلك بØثًا بعنوان: (الأسماء٠العربيَّة٠ÙÙŠ أرخبيل٠المَلايو: أنماطٌ ونوادر)ØŒ ولا زلْت٠أØتÙظ٠ببعض٠الأسماء٠المÙتميّÙزة٠للواÙدينَ الذينَ دَرَّسْت٠لهم منذ٠سنوات٠ÙÙŠ جامعة٠الأزهرÙØŒ Ùمن أسماء٠الذّÙكورÙ: عقيل، مستقيم، Ù…ÙزمّÙÙ„ØŒ Ùردوس، رزين، أزكى، رÙيع، إقبال، بصير، Ùطين، زعيم، عارÙØŒ Ùائز، جيد، شاÙعي، نواوي، ترمذي، ذو الØلم، ذو الخير، لقمان الØكيم، قمر الزمان، Øبيب الرØمن، قمر العارÙين، شمس العارÙين… الخ. ومن أسماء٠البناتÙ: أميرة، زÙÙ„Ùى، ÙاتØØ©ØŒ آسية، عتيقة، عÙÙŠÙØ©ØŒ هداية، Øاذقة، صائبة، عقيلة، Øميراء، لينة، نصيØØ©ØŒ ناجØØ©ØŒ ريØانة، سلسبيل، أصيلة، عيناء …الخ.
ÙˆÙÙŠ المقابل كثيرًا ما ترى عربيًّا مسلمًا لا يكتÙÙŠ بأنَّ ÙŠÙعلّÙÙ…ÙŽ أبناءَه٠لغةً أجنبيَّةً Ù…ÙقَدّÙمًا إيَّاها على اللّÙغة٠العربيَّةÙØŒ ولا بأنْ ÙŠÙلْØÙÙ‚ÙŽ أبناءَه بمدارسَ أجنبيّة٠خالصةÙØŒ وإنَّما ÙŠÙلْصÙق٠بهم أسماءً أجنبيَّةً تÙلازمÙهم ما عاشوا، وهي ظاهرةٌ تنتشر٠ÙÙŠ البيئة٠العربيَّة٠انتشارَ النَّار٠ÙÙŠ الهشيمÙØŒ وبخاصَّة٠ÙÙŠ أسماء٠البناتÙØŒ ÙˆØسبÙÙƒ أنْ تدخل Ùصلًا ÙÙŠ مدرسة٠دوليَّة٠بإØدى البلاد٠العربيَّة٠لÙتَجدَ هذه الأسماءَ: ديانا، هايدي، جاكلين، جولستان، أيتن، نانسي، إلسي، إنجي، جيهان، هايا، مايا، يارا، لورا، هيلين، كارمن، نيÙين، باكينام، شويكار، ماهيتاب، كارولين… وغيرها، وهي ظاهرةٌ خطيرةٌ قد يستهين٠بها البعض، ويعدّÙها لونًا من ألوان٠التÙرّÙد٠الذي ينشÙدÙه٠الآباء٠لأبنائÙهم، ولكنَّها ÙÙŠ الØقيقة٠تدلّ٠على تنامي ظاهرة٠الاستغراب٠ÙÙŠ المجتمع٠العربيّ٠تَنَامÙيًا Ù…ÙرَوّÙعًا.
والأنكى أنَّ كثيرًا ممَّنْ ÙŠÙسمّÙونَ أبناءَهم بأسماء٠عربيَّة٠يÙدلّÙـلÙونهم٠بأسماء٠أجنبيَّةÙØŒ Øتَّى تغلبَ الأسماءَ الØقيقيَّةَ، وتلازÙÙ…ÙŽÙ‡ÙÙ… Øتَّى ÙÙŠ الكبرÙØŒ Ùشيماء٠تÙنْادَى: شوشو، وسوسن: سوسو، ووÙاء: ÙÙŠÙÙŠØŒ وهدى: دودي، وغادة: غودي، وهبة: بوبة، وجويرية: جوجو، وخديجة: ديجا، وآسية: أوستي، وعائشة: يوشا، ÙˆØÙيظة: Ùيزا!!!
(3) تسمية٠الأماكنÙ: اتخذتْ كثيرٌ من المناطق٠ÙÙŠ أرخبيل٠الملايو لنÙسÙها أسماءً عربيَّةً تÙوضَع٠إلى جوار٠الاسم٠الملايويّ ÙÙŠ جميع٠اللَّاÙتات٠والمÙعاملات٠الرَّسميَّةÙØŒ ÙÙÙŠ ماليزيا تÙسمَّى ولاية سلانجور (Selangor): دار الإØسان، وولاية كلانتن (Kelantan): دار النعيم، وولاية جهور (Johor): دار التعظيم، وولاية بهانج (Pahang): دار المعمور، وولاية نجري سمبيلان (Negeri Sembilan): دار الخصوص، وولاية بيراق (Perak): دار الرضوان، وولاية ترنجانو (Terengganu): دار الإيمان، وولاية Ù‚Ø¯Ø (Kedah): دار الأمان. وعلى شاكلتها جاء اسم سلطنة بروناي، Øيث٠أضيÙ٠إليه رسميًّا: دار السلام، Ùلا تÙعْرَÙÙ ÙÙŠ مصالÙØÙها وأختامÙها وسÙÙاراتÙها وسائر٠شئونÙها إلَّا بهذا الاسم المركَّب (Brunei Darussalam)ØŒ وقد اتخذتْ لنÙسها شعارًا عربيًّا خالصًا يتوسَّط٠العَلَمَ الوَطنيَّ، وهو: الدَّائمون المØسÙÙ†Ùون بالهدى.
ÙˆÙÙŠ المقابل٠كاد ÙŠÙصÙيبÙÙ†ÙÙŠ الغَثَيَان٠ÙÙŠ زيارتي الأخيرة٠لمصر، Øيث٠طالعت٠أسماءَ هذه المشروعات٠العÙمرانيَّةÙ: (هايد بارك)ØŒ (جولدن جيت)ØŒ (ماونتن Ùيو)ØŒ (بريÙادو)ØŒ (إيست تاون)ØŒ (ليك Ùيو)ØŒ (ميÙيدا)ØŒ (Ùيلدج ويست)ØŒ (بالم هيلز)ØŒ (مون هيلز)ØŒ (ريÙيرا هايتس)ØŒ (أب تاون)ØŒ (ذا كور ريزادنس)ØŒ (أودي بالاس)ØŒ (أوبرا سيتي) … وغيرها ممَّا لا ÙŠØصى، وهو ما يربو ويغطّÙÙŠ تمامًا على أسماء٠عربيَّة٠قليلة٠مثل: (بروج)ØŒ (ديار)ØŒ (الواØØ©)ØŒ (الخمائل)ØŒ (الربوة)!
(4) تسمية٠المؤسَّسات٠التعليميَّةÙ: تØرص٠كثيرٌ من المؤسَّسات٠التعليميَّة٠ÙÙŠ البلاد٠الإسلاميَّة٠على أنْ تتَّخÙØ°ÙŽ لنÙسÙها أسماءً عربيَّةً، وإن لم تكن٠اللّÙغة٠العربيَّة٠لغةَ التَّدريس٠المعتمدةَ Ùيها، Ùمعظم٠المدارس٠التي أعرÙÙÙها ÙÙŠ أرخبيل٠الملايو ذات٠أسماء٠عربيَّةÙØŒ أقلّÙها Ù…ÙÙردٌ، ومÙعْظَمÙها Ù…Ùرَكَّبٌ، وبعضÙها جÙÙ…ÙŽÙ„ÙŒ Ù…ÙŽØْكيَّةٌ، ÙˆØسبÙÙƒÙŽ أن تقرأَ أسماءَ هذه المدارسÙ: (الهلال، الملتزÙÙ…ØŒ الÙلاØØŒ اقرأ، Øسن٠الخاتمة، دار العلوم، دار القلم، دار الهدى، بØر العلوم، أولو الألباب، روضة العلوم، بيت الØÙَّاظ، Ù…ÙØªØ§Ø Ø§Ù„Ù†ÙˆØ±ØŒ Ø¥Øياء علوم الدين، أرني الØقّ، لا تنسَ)ØŒ والشهادات٠التي تمنَØÙها هذه المدارس٠ذات٠أسماء٠رنَّانةÙØŒ مثل: Ù…ÙرÙيد، ØاÙظ، أولو الألباب، الرَّاسخون ÙÙŠ العلم. وأثناء زيارتي للهند٠وجدْت٠أسماءً طريÙةً لبعض٠الشهادات٠بالمدارس٠الدينيَّةÙØŒ مثل مولوي، ثم عالم، ثم Ùاضل، ÙˆÙÙŠ مجال اللغة تعطي شهادات مثل: منشئ، ثم أديب، ثم منشئ ماهر، ثم أديب ماهر، ثم منشئ كامل، ثم أديب كامل.
ÙˆÙÙŠ المقابل٠تنتشر٠المدارس٠الدوليَّة٠ÙÙŠ البلاد٠العربيَّة٠كالجراد٠المنتشرÙØŒ Ùمنذ قديم٠كانت٠الأسماء٠ذاتَ طابع٠نصرانيّ٠مثل: (سانت Ùاتيما)ØŒ (نوتردام ديزابوتر)ØŒ (راهبات القديس Ùنسان دي بول) وغيرها، واليومَ شاعتْ أسماءٌ أخرى تتناغم٠مع موجة٠العَولمة٠الكاسØØ©ÙØŒ مثل: (ريتاج)ØŒ (إيثوس)ØŒ (نوشن)ØŒ (نارمر)ØŒ (مانور هاوس)ØŒ (كابيتال)ØŒ (ليدرز)!
(5) تسمية٠المشروعات٠التّÙجاريَّة ونØوها: اختارتْ كثيرٌ من المؤسَّسات٠والشركات٠والمتاجر٠والÙنادق٠ÙÙŠ أرخبيل الملايو أسماءً عربيَّة مثل: تكاÙÙ„ØŒ الهلال، إتقان، Ù…Øيط، الهداية، بديعة، العاÙية، الØكمة، البخاري، التمويل، أمانة، ÙسيØØ©ØŒ زمزم، مبارك أليÙØŒ مستقيم، وسيم، معمور… وغيرها. وقد أجْرى بعض٠الزملاء٠دراسةً ميدانيَّةً على أسماء٠المَØلَّات٠التّÙجاريَّة٠ذات الأصول٠العربيَّة٠ÙÙŠ بروناي دار السلام، وانتهت الدراسة٠إلى تÙشّÙÙŠ هذه الظاهرة ÙÙŠ بروناي دار السَّلام بوازع٠دينيّÙØ› Øيث٠يÙؤْثرونَ الكلمات٠الإسلاميَّةَ، أو بوازع٠من التÙاؤلÙØŒ Øيث٠يؤثÙر٠أصØاب٠العمل٠الكلمات٠المرتبطةَ بالنجاØ٠والتÙوّÙق٠والرّÙزقÙØŒ ناهيكَ عن دور٠الإعلام٠ÙÙŠ دعم٠الارتباط٠اللّÙغويّ٠بين العربيَّة٠والملايويَّةÙ. ويؤيَّد ما انتهتْ إليه تلك الدراسة٠ما لاØظتÙه٠من شيوع٠الأسماء٠المÙشتقَّة٠من مادة٠(رَزَقَ) ÙÙŠ تسمية٠المØلَّات٠التجاريَّة٠ونØÙˆÙها، تÙاؤلًا بÙسَعة٠الرّÙزقÙØŒ مثل: رÙزْقÙنْ، رازقين، مرزوقين، يرزقني، بغضّ٠النَّظر٠عن إثبات٠التَّنوين٠نونًا، والتسمية٠بالÙعلÙØŒ Ùهذا Ù…Ùمَّا هو شائعٌ ÙÙŠ البيئات٠غير٠العربيَّةÙ.
وقد أعْجَبَنÙÙŠ ما قرأتÙه٠ضمنَ أسماء٠القÙطَع٠البØريَّة٠التي تقتَنÙيها القوات٠البØريَّة٠ÙÙŠ بروناي، والتي تقوم٠بعمليَّات٠مØدودة٠ضمنَ خَÙَر٠السَّواØل٠مثل: دار السلام، دار الإØسان، دار التقوى، دار الأمان، بركة، Ø´Ùاعة، عاÙية، Ù…Ùستعدّ!
ÙˆÙÙŠ المقابل٠عندما تتجوَّل٠ÙÙŠ شوارع٠القاهرة٠أو بيروت أو دÙبَيّ تجد٠شوارعَ ضائعةَ الهÙويَّةÙØŒ هي مسخٌ مشوَّهٌ من Ù‡Ùويَّات٠أجنبيَّة٠تØÙƒÙÙŠ ما زَعَمÙوه من تَبَلْبÙل٠الألسنة٠ÙÙŠ بابل، وتدلّ٠على الشّÙعور٠بالتَّبعيَّة٠والدّÙونيَّةÙØŒ ولست٠ÙÙŠ Øاجة٠إلى التمثيل بشيء٠من هذا الوباء٠الكاسØÙØŒ Ùما هو إلَّا أنْ تÙطلÙÙ‚ÙŽ بَصَرَكَ ÙÙŠ أيّ٠شارع٠تÙجاريّ٠بÙجÙلّ٠العواصم٠العربيَّة٠بØثًا عن اسم٠عربيّ٠غريب٠الوجه٠واليد٠واللّÙسانÙØŒ وللأسÙÙØŒ غالبًا ما سينقلب٠إليك بصرÙÙƒÙŽ خاسئًا وهو Øسيرٌ!
وختامًا، Ùلا أجد٠ما أختم٠به هذه الخاطرةَ المؤلمةَ ÙÙŠ واقع٠بلاد٠العربÙØŒ المÙبْهجةَ ÙÙŠ غيرها خيرًا من تعليق٠مصطÙÙ‰ صادق الرَّاÙعيّ٠على كلمة٠إنجليزيَّة٠بقيَتْ على ألسنة٠الÙرنسيّÙينَ من عَقابيل٠الØرب٠العالميَّة٠الثانيةÙØŒ Ùلمَّا تØرَّرتْ Ùرنسا Øاربتْ تلك الكلمةَ كما كانتْ تÙØارÙب٠أعداءَها، Øيث يقول: «ألا يرى … كي٠يÙخر٠الÙرنسيّÙونَ بلسانÙهم، Øتَّى إنَّهم لَيَجْعلونَه أوَّلَ ما يَعْقÙدÙونَ عليه الخÙنْصَرَ إذا عدّÙوا Ù…ÙŽÙاخÙرَهم ومآثÙرَهم؟ وهل أعْجَب٠مÙنْ أنَّ المجمعَ العلميَّ الÙرنسيَّ ÙŠÙؤَذّÙÙ†Ù ÙÙŠ قومÙÙ‡ بإبطال كلمة٠إنجليزيَّة٠كانتْ ÙÙŠ الألسنة٠من أثر٠الØرب٠الكبرى، ويÙوجÙب٠إسقاطَها من اللّÙغة٠جÙملةً، وهي كلمة٠(نظام الØصر البØريّ)ØŒ وكانتْ ممَّا جاءَ مع نَكَبات٠Ùرنسا ÙÙŠ الØرب٠العÙظْمى، Ùلمَّا ذهبتْ تلك النَّكبات٠رأى المَجْمَع٠العÙلْميّ٠أنَّ الكلمةَ ÙˆØْدَها نَكبةٌ على اللّÙغةÙØŒ كأنَّها جÙنديّ٠دولة٠أجنبيَّة٠ÙÙŠ أرض٠دولة٠مÙستقلَّة٠بÙشَارÙتÙÙ‡ وسÙلاØÙه٠وعَلَمÙه، ÙŠÙعلن٠عنْ قهر٠أو غلبة٠أو استعبادÙØŸ وهل Ùَعلوا ذلك إلَّا أنَّ التَّهاونَ يدعو بعضÙه٠إلى بعضÙØŒ وأنَّ الغÙلةَ تبعث٠على ضَعْÙ٠الØÙظ٠والتَّصوّÙÙ†ÙØŒ وأنَّ الاختلاطَ والاضطرابَ يجيء٠من الغÙلةÙØŒ والÙساد٠يجتمع٠من الاختلاط٠والاضطرابÙ».